قصة قصيرة ( في بيتنا .. مدمن ! ) بقلم : ماجدة تقي

في بيتنا .. مدمن ! …………قصة قصيرة

حديث ذو شجون
قال لي والتعاسة تبدو على تقاسيم وجهه وعيناه اغرورقت بالدموع:عندما اكتشفت أن ابني الأكبر يتعاطى المخدرات، أُصبت بالدهشة والوجع، لم تكن الحيرة وحدها رفيقتي بل منذ تلك اللحظة كاد الخوف عليه وعلى مستقبله أن يقُتلني وكيف سيواجه أسرته، عائلته، ومجتمعه الذي يعيش فيه؟
لم يغب هذا التاريخ عن بالي، ولم تمحوه ذاكرتي رغم مرور اثنا عشر عاماً عليه، ومنذ ذلك الزمن قررت مواجهة المشكلة، ومحاولة إيجاد حل سريع وفعال لها لكن كي يتوقف إبني عن إدمانه ، يجب أن يكون قراره هو في التخلص من الإدمان ، فقد عرفت أن هذا أهم خطوة لعلاجه ، يأتي بعد ذلك البحث عن متخصص، ومن ثم بذل الجهد والمال حتى يعود ابني إلى حياته الطبيعية.
فرحلة التعافى بالنسبة لعائلة المدمن تعد الأصعب والأكثر آلمًا فى حياتهم.
كنت لا أملك أدنى خبرة عما يجب عليَّ أن فعله تجاه هذه الكارثة ، هذه التجربة الأليمة كانت ولازالت للآن هي المحنة الحقيقية لي كأب مسؤول عن عائلتي وأنا لا أملك المعلومات عن الإدمان شيء ولا عن كيفية علاجه .
التجأت إلى اتباع تعليمات المؤسسة العلاجية التي وثقتُ فيها، والأخذ ب آراء المتخصصين، وقبل كل هذا الاستعانة بالله.
كانت هناك أخطاء في بيتنا وقعنا فيها دون أن ندري أن الوقوع فيها قد عمَّق المشكلة، مما نتج عنه آثار أكثر خطورة من العرض نفسه.
فقد تجاهلنا المشكلة بدايةً أنا وأمه وفكرنا أنه في سن المراهقة والفضول والتجربة لمعرفة مايفعله الحشيش في جسم الانسان هم الدافع وأن ابننا سيكون بخير عندما ينضج ويكبر .
لم ننتبه جيداً إلى رفاق السوء الذين كانوا يصطحبونه معهم إلى حفلات أعياد الميلاد المشتركة اناثاً وذكوراً وكلهم في سن المراهقة حيث الرقص واللهو والمرح ،
من هنا كانت اول خطوة في الادمان لإبني ، تجربة سيجارة الحشيش قدمت له ضيافة وهو في سن 16 سنة من أحد أصدقائه الموجودين بالحفل حيث قال لي ابني أنه شعر بالزهوِّ والسعادة وشيئاً فشيئاً أصبحت سعادته مرتبطة بسيجارة الحشيش .
في تلك الظروف البيتية الصعبة مرضت زوجتي أم أولادي كان يصيبها الخوف والتوتر الشديد عندما تشاهد ابنها وهو في حالة الهياج تخاف منه وتخاف عليه بذات الوقت ، تعطيه مايطلب من نقود وهي لا تدري أنه سينفقها ثمناً لجرعات ادمانه .
أصيبت زوجتي ب اكتئاب شديد يرافقه صداع مما اضطر طبيبها أن يصف لها الفاليوم كنوع من المسكن والمهدئ بذات الوقت ولم نكن ندري أن هذا الدواء يحدثُ إدماناً فالطبيب لم ينبهنا للأمر وتلك هي المصيبة التي وقعنا فيها فقد كان ابني يأخذ منها متى شاء وبسهولة دون أن نشعر كوننا لانعرف مدى خطورتها و أنها من الأدوية التي تحدث إدمان .
ولأحساسنا أنه بوضع صعب كان إهتمامنا به يزداد على حساب إخوته الباقين فكنا نقضي معظم الوقت في القلق عليه وماذا سنفعل لتخليصه من مشكلة إدمانه على المخدرات
ونتجاهل باقي أبناءنا الذين يحاولون جعل خياراتهم جيدة على قدر المستطاع كي يلفتوا انتباهنا لهم في تلك الفترة أعطينا ابني المال بكثرة كي يهتم بالرياضة كما كان يقول لنا وثمن دروس خصوصية التي أرهقتنا خاصةً والدته كانت تصدق كذبه لكن نتائج امتحاناته كانت لاتكذب وتدل على تقصيره في المذاكرة وضعفه الشديد في استيعاب ما يدرس وقتها أدركت زوجتي وأنا أن هناك شيئاً ما يحدث في حياة ابننا المدلل ودون أن يشعر تناوبتُ وهي على مراقبته حتى رأته زوجتي يتناول أقراص الفاليوم من دوائها الموصوف لها فأدركت أن في بيتنا مدمن هو ابننا المدلل وكان لابد لنا من مواجهته والسعي السريع لحل المشكلة هنا أنكر ابني ذلك بشدة لكن زوجتي كانت حكيمة والتقطت له أكثر من صورة وهو يسرق دواءها وعندما واجهته بالصور غضب منها غضباً شديداً وترك لنا البيت بحجة أنه لا يحق لنا أن نقتحم خصوصياته .
بحثنا عنه عند الأقارب ومن هم أصحابه دون جدوى حتى مستشفيات المدينة كلها لم نجد له اثراً فيها طار صوابنا أين اختفى هذا الشاب عشرات الأسئلة والأفكار السيئة راودتنا .
أتراه رمى نفسه في المحيط وأنهى حياته —؟
أركب إحدى السفن العابرة إلى الشط الآخر من المحيط دون أن يترك لنا خبراً …؟
لكن من أين أتى بالمال وهو لا يعمل —؟
ربما باع موبايله وتصرف بثمنه….إلخ
بعد ثلاث أيام اتصل بنا ليقول أنه محتاج بعض النقود كي يأكل وهو الآن يعيش في شاليه في مدينة على الساحل بصحبة أحد اصدقائه وهما يبحثان عن عمل طار صوابي كيف يعمل ولم يحصل بعد على شهادة البكالوريا …؟
مضى أسبوع علي غيابه عن البيت ثم عاد إلينا ليقول أنه سيكمل تعليمه فرحنا بقراره وفعلاً حصل على شهادة البكالوريا لكن معدل علاماته ليست بقدر معاناتنا وتعبنا كنا ندرس معه ليلاً ونهاراً والله لو قدمت أنا أو والدته امتحان البكالوريا في تلك السنة لحصلنا على مجموع أكبر من المجموع الذي حصل عليه فقد كان فاقدَ التركيز وغالباً كان يحاول جرنا معه لأحاديث بعيدة عن العلم والدراسة .
بعد أقل من شهرين من حصوله على البكالوريا نكث بوعده لنا ب إكمال تعليمه في الوطن وفاجأنا من جديد برغبته بالسفر لبلد آخر يتابع فيه تعليمه وقد اتخذ قرارره بالرحيل
فلن يستطيع هنا التحكم بنفسه ورفاقه يلاحقونه وهم مدمنين مثله وهو لايريد العودة للإدمان
أخذ مبلغاً من المال من أمه بقوله سيتابع دراسته بأسبانيا وقد أرسل
معلومات عن شهادته وتم قبوله بمعهد لدراسة الكمبيرتر للوهلة الأولى صدقناه لأن لنا بإسبانيا أقارب وسألناهم عن المعهد فأخبرونا بوجوده .
سافر ابني لإسبانيا عبر البحر وأخذ يراسلنا من هناك بقوله أنه يعمل بجانب دراسته وقد استأجر بيتاً بقرب المعهد ومكان عمله وليس لديه وقت لإضاعته والمواصلات مكلفة وهي تقارب دفع أجرة البيت الذي استأجره بعد فترة انقطعت أخباره ورسائله عنا وعن أقاربنا وعللنا ذلك بانشغاله المتواصل بين العمل والدراسة وشكرنا الله أن عاد ابني لرشده .
مرَّت سنة وأخيراً وصلتنا منه رسالة بموبايل برقم غير موبايله يقول أنه ترفع للسنة الدراسية الثانية ويعتذر منا لعدم تواصله معنا فقد أضاع موبايله ولانقود لديه تمكنه من شراء موبايل جديد فالحياة مكلفة ومايتقاضاه من أجرة بالعمل بالكاد يسد نفقات الدراسة ومصروف البيت المستأجر . للمرة الثانية قلنا له اذهب لأقرباءنا وخذ منهم نقود فقد حولنا لك مبلغاً كي تشتري موبايل جديد وتسندك باقي الفلوس في مصروفك.انقطعت أخباره عنا سنة أخرى لاندري عنه شيئاً سألنا أقاربنا عنه فأخبرونا أنه سجين لتنفيذ عقوبة حيازة مخدرات للإستعمال الشخصي ومشاجرة بالشارع مع بعض الشباب وألقى القبض عليه وهو في حالة تعاطي الهيروين .
بعد ضياع ثلاث سنوات من عمره بإسبانيا عاد إلينا على ظهر سفينة متجهة للوطن كان قد ركب فيها دون حيازة تذكرة فعاقبه قبطان السفينة بالعمل داخلها كحمال وما أن حطت السفينة رحالهاعلى الشاطئ حتى قفز منها وعاد يطرق بابنا معتذراً لنا عما حصل منه ونحن لم نتمكن من طرده من بيتنا رغم كل ما فعله بنا فعاطفة الدم غلبتنا وهو أخذ يتعبد الله الذي هداه يصلي ويقرأ القرآن وشكرنا الله الذي هداه وأعاده لرشده وحاولت تشجيعه بالبحت عن عمل كي يكسب مايعينه على الحياة مضت شهور يخرج من البيت بحجة البحث عن العمل الذي يتناسب مع مؤهلاته ، لكن من جديد عاد لنفس الخداع ونفس السلوك الذي كان يمارسه قبل سفره لإسبانيا ، النوم في النهار والتهرب منا أنا وأمه كي لانسأله عن أي شيئ بموضوع البحث عن العمل .
في أحد الأيام أتت الشرطة لبيتنا لتبليغ ابننا بموعد محاكمة لم يكن يخبرنا بأمر ما فعل حتى عرفنا من ورقة الاستدعاء بأنه كان يقود سيارة ليست له وهو أيضاً بحالة الإدمان وشاء القدر أن الشرطي كان يعرفني جيداً كنت قد خدمته خدمة جلية ولم ينسى المعروف فلم يزج به في السجن وأخرجناه بكفالة مالية .
وللآن كل يوم يأتي لنا بمشكل جديد ولا يريد دخول برنامج للتعافي رغم كل المحاولات التي حاولناها بهذا الشأن مرات يفكر بالعمل خارج مدينتنا نشجعه لكن لا يمضي أسبوع إلا ويعود إلينا وكأنه كان برحلة استجمام وسياحة تصرفاته أرهقت عائلتنا بالكامل مادياً ومعنوياً .
إن احتاج للفلوس ولم ندفع له ربما يسرقنا ونخشى أن تمتد يده لمال الآخرين ويسبب لنا الفضيحة والعار.
يعود في ساعات متآخرة من الليل يدخل المنزل كلص لا يريد أن يشعر أحد منا به متى خرج أو متى عاد وأنا والله غلبتُ بأمره ولشدة مايحزنني أنه لم يعد له رفيق جيد سوى رفقاء السوء والمصير المجهول خاصة بعدما قرأت أن الإدمان يؤثر ليس على إدراكه فقط بل على حياة الرجل الجنسية ليجعلها في الحضيض .
اللهم تدارك الأمر فلم يعد لي في تلك المصيبة سواك ليساعدني على حلها —-انتهت —-بقلم ما جدة تقيhttps://almountadaaladabi.blogspot.com/2020/08/blog-post_22.html?fbclid=IwAR3_t6hR1nchRZS8Rii1mENq1WkEfQtyhIj-q7FSYWjOlR0-fzyERWP2Dvg

نُشر بواسطة abderahmanesoufi

مهنتي فلاح أزرع الخير وأحارب كل طفيليات الشر الضارة ..

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ