بقلم : إبراهيم عبدالكريم

قصة
الوالدين وكورونا.
مرت سنين على وفاة رب الاسرة، لا شيء يجمع شمل أفراد العائلة على عمل أو كلمة خير لحل مشكلة الإرث. كل فرد يريد النيل من أخيه أو أخته باستعمال كل ما لديه من الطرق والوسائل. صراع بين ثلاثة أولاد وفتاتين. ٲما الام العجوز فقد حار ٲمرها. في البداية حاولت وبكل الوسائل جمع شمل ابنائها لكن حينما اشتد الصراع بينهم التزمت العزلة والحياد. رجعت لتستقر في المنزل العائلي الذي عاشت فيه مع زوجها لسنين عديدة قبل وفاته. من حين لآخر تزور ابنتها الصغيرة التي مازالت تتابع دراستها الجامعية. أصبحت دون معونة ولا مساعدة مالية منذ وفاة زوجها، حتى زيارة الٲبنائ لها ٲصبحت شبه منعدمة. استحوذ الذكور على جميع ما تركه والدهم من الثروات، خاصة منهم الابن البكر المستفيد الأكبر من الوضعية المتازمة التي تعيشها العائلة. الكل يريد نصيبه، لكن حسب قوانينه ورغبته الخاصة. الضحية من هذا كله هي الأم والبنات. غالبا ما كانت الأسر تحرم العنصر النسوي من حقه في الإرث. ترك الاب ثروة كبيرة وكثيرة. مكونة من أراضي فلاحية و عقارات للكراء. اشتد الخلاف بين ٲفراد الاسرة إلى درجة التهديد بالقتل. كل مرة كانت الأم تعيد محاولاتها للتوفيق بينهم إلا أنها فشلت أمام غطرسة ٲلابن البكر الذي استحوذ على ٲغلبية الثروة كما كان يقف في وجه كل محاولة للصلح والتقسيم العادل. تدخلت جهات مختلفة لفك النزاع بينهم، بطريقة سلمية ومتفق عليها. إلا أنه دائما، وفي آخر لحظة يتم الغاء الاجتماع. سارت الأمور على هذا النهج إلى أن قرر شيخ القبيلة وبمساعدة كبار الشخصيات الاجتماع بالأبناء في منزل ٲخيهم الأكبر. لحظة هامة لفك الخلاف بين الأبناء حول الإرث. حضر كل أفراد العائلة، مع مجموعة من الضيوف والجيران.إلا ٲنه لوحظ في الاخير غياب الابن الأكبر، لم يظهر له وجود. في منزله ولا بجوار الضيوف. الكل في المنزل يتحدث عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من انتشار وباء كورونا. هذا الوباء الذي أجبر الجميع على البقاء بمنازلهم. قرار حكومي بالحجر الصحي. لما انتهى الضيوف من وجبة العشاء وشرب الشاي، سٲل الحاضرون عن سبب غياب الابن البكر. لا ٲحد يريد قول الحقيقة للمجمع، ٲلابن ٲلٲكبر طريح الفراش. لا يستطيع الوقوف على رجليه. ٲمام إلحاح الحاضرين، تقدمت ابنت الابن الأكبر إلى داخل المجمع. صاحت في وسطه قائلة” ٲبي طريح الفراش لا يستطيع الحركة” أردفت قائلة” لقد ٲصيب بفيروس كورونا”، قبل ان تنهي كلامها كان المجمع قد تفرق وبسرعة . سماع كلمة كورونا اخاف الجميع. خرجوا مهرولين. لا أحد يريد البقاء في المنزل. حتى ٲلٲحفاد رفضوا الدخول الى الغرفة التي يرقد فيها جدهم. فجاة طلت على مشارف الباب الام العجوز، اندلفت داخل الغرفة لتجلس بجانب ابنها الأكبر، صاح أفراد العائلة خوفا على الأم والجدة. حلقت يمينا وشمالا لتنظر كافة الحاضرين ثم توجهت لهم بصوت خافت قائلة”أنا من يبقى مع ابني، ربيته صغيرا الى ان كبر، والان اعتني به إلى أن يشفيه الله من مرضه”. بعدها قامت للصلاة متذرعة لله عز وجل قائلة” اللهم خذني مكانه، واتركه لابنائه، يا رب العالمين” في هذه اللحظة نظر إليها ابنها، وعيناه تذرف دموعا نادما على ما حصل بسببه، توجه اليها طالبا منها السماح على ما صدر منه في حقها وفي حق إخوته وأخواته. نظرت إليه بنبرة يملؤها العطف والحنان قائلة”كيف يمكن لام أن لا تسامح فلذة كبدها
اللهم اسمح لنا بالوالدين، اللهم ارحمهما، يا رب العالمين.
إبراهيم عبد الكريم

نُشر بواسطة abderahmanesoufi

مهنتي فلاح أزرع الخير وأحارب كل طفيليات الشر الضارة ..

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ